اسم حسن البنا، نعود إلى البدايات للنظر في قصة الموت. وتحمل ذاكرة التاريخ مقالا هاما لمؤسس الإخوان، نشر في مجلة «النذير» بتاريخ 26 سبتمبر (أيلول) من عام 1938 عنوانه صريح، وهو «صناعة الموت». وقال فيه: «أجل صناعة الموت، فالموت صناعة من الصناعات؛ من الناس من يحسنها فيعرف كيف يموت الموتة الكريمة، وكيف يختار لموتته الميدان الشريف والوقت المناسب، فيبيع القطرة من دمه بأغلى أثمانها، ويربح بها ربحا أعظم من كل ما يتصوَر الناس، فيربح سعادة الحياة وثواب الآخرة، ولم تنتقص عن عمره ذرة، ولم يفقد من حياته يوما واحدا، ولم يستعجل بذلك أجلا قد حدَده الله. ومن الناس جبناء أذلة؛ جهلوا سرَ هذه الصناعة، وغفلوا عن مزاياها وفضائلها، فمات كل واحد منهم في اليوم ألف موتة ذليلة، وبقي وموتاته هذه حتى وافته الموتة الكبرى ذليلة كذلك، لا كرمَ معها ولا نبلَ فيها، في ميدان خامل خسيس ضارع، وقضى ولا ثمن له، وأهدر دمه ولا كرامة». ويكمل البنا: «ثم جاءت من بعد ذلك خلوف من المسلمين ركنوا إلى الدنيا في العبث واللهو، وأهملوا مواد القوة، وجهلوا صناعة الموت، وأحبوا الحياة، وتنافسوا على لقبٍ كاذبٍ، وجاهٍ زائلٍ، ومالٍ ضائعٍ، ومظهرٍ زائفٍ، وتعس عبد الدينار؛ عبد الدرهم؛ عبد القطيفة، فوقعوا في الذلة، واستمكن منهم العدو، وخسروا سيادة الدنيا، وما أعظم تبعتهم في الآخرة، وحق عليهم قول الرسول صلى الله عليه وسلم؛ فقد تداعت على المسلمين الأمم، ونزع الله من قلوب أعدائهم المهابة منهم، وقذف في قلوبهم الوهن، وإنما الوهن حب الدنيا وكراهة الموت. لكن الساعة ساعة العمل.. احتجوا بكل مناسبة وبكل طريق.. قاطعوا خصوم القضية الإسلامية مهما كانت جنسياتهم أو نِحَلهم. تبرَعوا بالأموال للأسر الفقيرة والبيوت المنكوبة والمجاهدين البواسل.. تطوعوا إن استطعتم - لا عذر لمعتذر - فليس هناك ما يمنع من العمل إلا ضعف الإيمان. ولا يهلك على الله إلا هالك». وحين تتشابك الخطوط حول فكرة مسؤولية الجماعة الأم عن «صناعة الموت»، فإن مشهدا بارزا في ذاكرة مصر الحديثة من شأنه أن يفكك قليلا من هذا التشابك. ففي احتفال «الدولة الرسمية» في عام حكم الإخوان لمصر بنصر أكتوبر عام 2012. نرى في صفوف المحتفلين عددا من رموز التطرف، ومن بينهم بعض ممن سبقت محاكمتهم في قضية اغتيال الرئيس الأسبق أنور السادات نفسه، صاحب قرار الحرب في عام 1973. والذي اغتيل على يد تكفيريين من ناتج الجماعة في حادث المنصة الشهير عام 1981 خلال احتفاله بذات الذكرى. وبحسب الإخواني السابق، فإن مثل هذا المشهد لا يؤكد فقط على علاقة الإخوان بالإرهاب، لكنه يفضح صناعتهم لفكر الموت، ويؤصل أن حلفاء الجماعة وخلفاءها جميعا يؤمنون بذات الصناعة.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة