الخطوط العريضة لدين الشيعةالخطوط العريضة لدين الشيعة by محب الدين الخطيب
My rating: 2 of 5 stars

يمكن اعتبار القرن الـ12 الميلادي بداية المعرفة الغربية بالشيعة كتنظيم سياسي مع الحملات الصليبية وتواتر الأخبار المثيرة إلى الغرب عن فرقة الحشاشين وبعض من الأخبار الممزوجة بالتشويق والمغالطة عن شيعة سوريا وفلسطين.

ويشير الباحثون الغربيون إلى دور وليم الصوري، أهم المؤرخين المسيحيين للحملات الصليبية في القرن الـ12 الميلادي، في تعميم الصورة عن الشيعة، حين نسب إليهم الاعتقاد بخطأ جبريل (عليه السلام) في تبليغ الرسالة، حين أسقط الصوري معتقدات طائفة الغرابية المهرطقة على الشيعة بشكل عام.

وسار على نهجه مؤرخو الحملات الصليبية وفي مقدمتهم يعقوب دي فيتري مطران عكا في النصف الأول من القرن الـ13 الميلادي، وذلك حين ترجم معلومات لبعض الطوائف ونسبها إلى الشيعة، وفي مقدمتها القول بأن عليا نبي فاقت مكانته مكانة محمد (صلى الله عليه وسلم).

وكانت أولى المعلومات التي جاءت عن الشيعة الاثنا عشرية من الخبرة والممارسة تلك التي قدمها المؤرخ والمنصر الشهير ريكولدو ديمونتو كروس حين نقل للقارئ الغربي مسألة ما يسميه الشيعة “اغتصاب الخلافة”.

ومن خبرة ريكولدو الميدانية انتقلت إلى القارئ الغربي المقولة التي صارت مهمة منذ ذلك الحين، وهي أن “الشيعة أقل شيطنة من الأغلبية السنية”.

ظلت هذه الأفكار المغلوطة لعدة قرون قبل أن تتم النقلة المهمة في المعرفة بتفاصيل المذهب الشيعي مع صعود الدولة الصفوية وتطور الروابط السياسية والثقافية مع الغرب في زمن المواجهة مع الدولة العثمانية السنية.

ففي تلك المرحلة زاد عدد الرحالة والدبلوماسيين الغربيين والناشطين في مجال التنصير، ونقلت تفاصيل شبه موضوعية عن الشيعة الاثنا عشرية كما تمت ترجمة كتب أصولية في الفكر الشيعي عن اللغة الفارسية.

وفي خضم الثورة المعرفية الاستشراقية في القرن 19 حلت إيران محل بلاد الشام والعراق كمصدر للمعرفة من خلال تقديم مجموعة من الكتب والدراسات ذات رؤية نقدية وخبرات ميدانية مباشرة، كان أهمها ما قدمه جوزيف جوبينيو في مراجعته لصراع النقل والعقل في الفكر الشيعي الفارسي. وكانت كتاباته مصدرا أوليا لتفاصيل التمثيل المسرحي لمعركة كربلاء واستشهاد الحسين (رضي الله عنه).

ويعتبر جوبينيو أهم من ربط بين التشيع وديانات فارس ما قبل الإسلام. ففي كتابه “ثلاث سنوات في آسيا” يرجع جوبينيو مبدأ تبجيل الأئمة إلى تقديس كهنة الزرادشتية. كما اعتبر جوبينو في كتابه “ديانات وفلسفات آسيا الوسطى” الفكر الشيعي حركة انشقاقية وثأرا مبطنا لـ”الاحتلال العربي لأرض الفرس”.

ومع ما لهذه الرؤية من شعبية واسعة لدى منتقدي المذهب الشيعي من بعض السلفيين وكثير من القوميين العرب المتوجسين من الأطماع الإيرانية، فإن نفرا من الباحثين الغربيين دلل غير مرة على أن التشيع الفارسي على النمط الذي صوره جوبينو لم يبدأ سوى متأخرا مع إيران الصفوية.

View all my reviews

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة