تركيا: بين تحديات الداخل ورهانات الخارجتركيا: بين تحديات الداخل ورهانات الخارج by Various
My rating: 1 of 5 stars

الكلب القاتل اردوغان
القرد الملعون


تركيا هي في الوقت نفسه وريثة جحافل جنكيز خان الهمجية إبان الإمبراطورية العثمانية، ودولة مصطفى كمال العلمانية.

رفضت حدودها المثبتة بمقتضى معاهدة سيفر في عام 1920، والمعدلة لاحقاً بموجب معاهدة لوزان في عام 1923، وتستمر في المطالبة بأراضي "القَسَم الوطني" لأتاتورك في كل من اليونان، وقبرص، وسورية، والعراق. وهي غير قادرة حتى الآن على الاعتراف بجرائمها السابقة، من ضمنها مذبحة الأرمن.

ولأنها غير قادرة أيضاً على التكيف مع ما خلفته لها هزيمة عام 1919، فهي غير قادرة على الفعل، وتقتصر تصرفاتها على ردود الفعل فقط.

خلال تفكك الاتحاد السوفيتي، كانت تراقب الشرق الأوسط الذي أنشأه الرئيس بوش الأب مع مؤتمر مدريد وتحرير الكويت. كان السلام قائماً حينذاك على انتصار ثلاثي لكل من المملكة العربية السعودية وسورية ومصر. فخلصت تركيا آنذاك إلى أنه ينبغي عليها، كي تشق طريقها، أن تتحالف مع المنافس الإسرائيلي.

ثم عندما وقعت هجمات 11 أيلول، وتبعها تدمير أفغانستان والعراق، ثم تقسيم الشرق الأوسط بين إيران والسعودية، كانت تركيا أول من فهم إستراتيجية الرئيس بوش الابن، أي تقسيم المنطقة إلى معسكرين، بحيث لا يُسمح لأي منهما بالانتصار. فابتعدت حينئذ عن إسرائيل كنوع من الحيادية. والأسوأ من كل ذلك أنه حين نُشرت خريطة الشرق الأوسط الجديد الموسع في عام 2006، اكتشفت تركيا أن حاميها الأمريكي كان يخطط لتمزيقها بهدف إنشاء دويلة "كردستان الحرة". فاستدار بعض جنرالاتها إلى الصين قبل اعتقالهم (فضيحة إرجينيكون)، ثم أطلق سراحهم في نهاية المطاف، وقررت أنقرة، كاجراء احترازي، التحالف مع جارتها سورية، وإنشاء منطقة تجارة حرة إقليمية شاسعة.

ولكن عندما خطط الأنغلوسكسون لإيصال جماعة الإخوان المسلمين إلى السلطة في جميع أنحاء المنطقة، اعتقدت أنقرة أنها يمكن أن تستفيد من عضوية الرئيس أردوغان في جماعة الإخوان المسلمين. فأيقظت على حين غفلة قبيلة مصراتة في ليبيا، وساعدت حلف الناتو على الإطاحة بحليفها معمر القذافي، ثم ذهبت إلى الحرب ضد حليفتها سورية.

هاتان الغلطتان أوقفتا نموها الاقتصادي.

ثم جاء دخول روسيا المفاجيء إلى مسرح القتال في سورية وانتصارها الساحق على داعش.

وعندما ضاعت بوصلتها راحت تركيا تبحث عن اتجاه الريح، فاقتربت من موسكو، وقبلت مسارات سوتشي وأستانا.

وأخيراً، جاء اغتيال الجنرال قاسم سليماني، ففسرته أنقرة على أنه خيانة للحكومة الإيرانية وعودة النفوذ الأمريكي.

لذا، فهي منخرطة في ليبيا وتعمل على تدمير البلاد بتواطؤ لاإرادي من عدوها، المشير خليفة حفتر.

هذا لا يعني بتاتاً أن محافظة إدلب لن يتم تحريرها إلى حد كبير، لاسيما أن ترحيل الجهاديين منها لايزال مستمراً. ويُقدر عدد الذين غادروها منذ 25 كانون أول 2019، مع أسلحتهم بخمسة آلاف، عبر جربة باتجاه طرابلس الغرب.

الجيش العربي السوري يسارع تقدمه ويحرر المزيد من الأراضي


الخسائر الناجمة عن هجمات الجيش التركي مؤخراً تسببت بألم وغضب عارمين.

ومع ذلك، ينبغي علينا أن نفهم على ماذا تلعب أنقرة، بغض النظر عن الحكم الذي يمكن إطلاقه حول عمليتها.

مما لاشك فيه أن تركيا التي يبلغ عدد سكانها ثلاثة أضعاف عدد سكان سورية، يمكنها التغلب عسكرياً على جيش منهك من حرب طويلة عمرها تسع سنوات الآن، لكنها غير قادرة على الوقوف في وجه روسيا التي سوف تسحق جيشها بمنتهى السهولة، لاسيما أن حلف الناتو لن يتورط في الدفاع عنها.

لهذا انتابنا جميعاً شعور بالذهول من إقدامها على اغتيال أربعة من ضباط المخابرات الروسية في إدلب قبل اجتماع الرئيس أردوغان مع رئيس ميليشيات التتار، فضلاً عن استفزازاته المعادية لروسيا مع رجال العصابات الأوكرانيين (المتعاونون السابقون مع النازيين)، ناهيك عن إطلاق الصواريخ على طائرات الاستطلاع الروسية، وضربات الطائرات المسيرة ضد قاعدة حميم، واعتقال الصحفيين الروس في اسطنبول.

وفي ظل هذه الظروف مجتمعة، لايبدو أن الهجمات التركية في إدلب تعني بأي حال ما تبدو ظاهرياً. بل يبدو الأمر كما لو أن جحافل أحفاد جنكيز خان، جاؤوا لينتحروا في إدلب.

حاول الرئيس أردوغان جاهداً الاتصال بالرئيس بوتين أربع مرات منذ اليوم الأول من شهر شباط، على أمل أن تسابق قدماه الريح ليحظى بلقائه في السادس من شهر آذار الجاري.

واقع الحال يقول أن تركيا يسكنها هاجس وحيد يؤرقها منذ أن نشر البنتاغون خريطة إعادة هيكلة الشرق الأوسط في عام 2006، ألا وهو حماية نفسها من أفضل حليف لايخفي نيته بتقطيعها إرباً.

وبناءً على ماسبق، فإن كل أخطاء سياسة تركيا الخارجية ليست سوى ردود فعل على التغييرات المحدقة بها.

تركيا لا تعرف تماماً من تكون. تعترض تارة على حدودها ( قسَم أتاتورك القومي) وتارةً على تاريخها (الإبادة الجماعية لغير المسلمين)، لكنها ترفض أن تموت.

لهذا فهي مقتنعة اليوم، أنه جاء دورها بعد سورية.

لذلك نراها تحاول يائسة حماية نفسها من الكارثة التي تنتظرها، عن طريق تهديد الغربيين بأسوأ وأقصى الآلام في حال باشروا بتطبيق خطة البنتاغون.

ولهذا السبب بالذات، راحت تهدد الولايات المتحدة أيضاً بإشعال فتيل حرب عالمية ثالثة مع روسيا إذا لم تتخلى عن خطتها.

كما راحت في الوقت نفسه تهدد الأوروبيين بإطلاق طوابير من اللاجئين على طرق الاتحاد الأوروبي، بعد إحاطتهم علماً أنه بمجرد تدمير تركيا، ستكون الهجرة حتمية وأكثر فداحة.

اقترحت على الجميع شن حرب بعيدة قدر الإمكان عن أراضيها.

لهذا، أرسلت خمسة آلاف جهادي من إدلب إلى طرابلس الغرب، وأعلنت عن استعدادها لشن أسوأ حرب عرفها التاريخ هناك.

تركيا مذعورة الآن أكثر من أي وقت مضى.

لقد توهمت في الماضي أنها قوة إقليمية كبيرة، يحسب لها ألف حساب، لكن هيهات، فهي الآن تبكى وتصرخ، وتنتحب كطفل مذعور ومحاصر.

في خطاب له في 29 شباط 2020 أمام مجموعة من البرلمانيين المجتمعين في قصر دولما باهجه (المقر السابق للسلطان) قال الرئيس أردوغان : "إن الهدف الحقيقي للسيناريو الذي نواجهه الآن، ليس سورية، بل تركيا. أولئك الذين يحصلون على ما يريدون في سورية، سيحولون أنظارهم على الفور صوب تركيا. وإنه لمن أسوأ الأمور، الاعتقاد بأن الذين قسموا سورية إلى ثلاثة أجزاء، سوف يحترمون سلامة الأراضي التركية ".

وهكذا، بين عشية وضحاها، قد ينقلب العدو التركي إلى صديق، تماماً كما فعل عندما أبرم في الماضي اتفاقية تجارة حرة مع سورية، إذا تيقن أن السلام مع سورية، قد يحمي بلاده من الجرائم الفظيعة التي ينوي البنتاغون ارتكابها بحق تركيا.

View all my reviews

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة