
My rating: 5 of 5 stars
وكان هذا أمرًا حتميًا بالنسبة للصهيونية التي نشأت بين أوساط مثقفين يهود وغير يهود في أوروبا، ومن ثم كان لا مفر من أن تستغل الصهيونية المعتقدات اليهودية لتضفى على نفسها صبغة دينية، لإحياء الروح المشتركة بين اليهود، على هذا الرابط الهوياتى الدينى. ويقوم اليهود الشرقيون (السيفارديم) بالإشارة إلى اليهود الغربيين (الأشيكناز) بأنهم «أشكى نازى»، ويؤكد عضو الكنيست الإسرائيلى السابق مايكل إيتان وجود تشابه كبير بين القوانين التي كان المتطرف الصهيونى مائير كاهانا قد اقترح تطبيقها على فلسطينيى 1948 في «الدولة» الصهيونية قبل قتله عام 1990، وقوانين «نورمبرج» النازية التي طُبقت على اليهود، وهى عبارات استخدم النازيون بعضها للإشارة إلى اليهود. ويضيف: «اليهود انشقوا عن الدين. وهناك «القراءون» الذين تمردوا على التلمود وزلزلوا اليهودية الحاخامية من جذورها، ويلفت الدكتور المسيرى نظر القارئ إلى أن أعضاء الجماعات اليهودية لم يكونوا قط شعبًا واحدًا ذا «وحدة يهودية عالمية»، وأن القضايا الخاصة بالهوية اليهودية لم تحسم بعد. كما توجه الزعماء اليهود الصهاينة أول ما توجهوا إلى قيصر ألمانيا كى يتبنى المشروع الصهيونى. وبين عنصرية اليهود الصهاينة تجاه العرب، وبين ممارسات العصابات الصهيونية ودولة إسرائيل ومجازرها الجماعية بحق العرب في فلسطين ولبنان وغيرها من الأراضى العربية التي احتلتها. ويضرب مثلا بقانون العودة الذي صدر بعد إعلان قيام الدولة عام 1948 وينص على أنه يحق لكل يهودى أن يهاجر إلى إسرائيل. لكن واضعى هذا القانون لم يحددوا أي يهودى تحق له العودة كما لم يعرفوا بالضبط ما اليهودية التي يؤمن بها هذا اليهودى في ظل تعدد الموروثات الدينية والعرقية للجماعات اليهودية التي لا تستمد هوياتها «من هوية يهودية عالمية» بل من مجتمعات عاشت في ظلها. ويسجل المسيرى في كتابه (من هم اليهود؟ وما هي اليهودية؟) أن قضية تعريف اليهودى ليست مجرد قضية دينية أو سياسية لكنها «مصيرية» تتعلق برؤية الذات والعالم كما تعد مصدرا لشرعية الدولة العبرية نفسها. ويضيف أن «الحل الداروينى السحرى» في بداية القرن العشرين تمثل في تصدير المشكلة (اليهودية) إلى الشرق بإقناع الفائض البشرى اليهودى بأن تهجيره إلى فلسطين ليس محاولة للتخلص منه وإنما هو عودة إلى أرض الميعاد إلى آخر هذه الترهات وبالفعل قامت الإمبريالية الغربية بتأسيس الدولة الصهيونية لتستوعب هذا الفائض ولتكون قلعة أمامية تدافع عن مصالح العالم الغربى في المنطقة العربية. إذ اتخذت «كافة» المنظمات اليهودية الرئيسية موقفًا مناوئًا أو غير مكترث للصهيونية منذ انعقاد المؤتمر الصهيونى الأول في عام 1897، اعتراضها على الصهيونية على أساس أن فكرة الدولة تخالف عقيدة الخلاص اليهودية في الأدبيات الحاخامية وأفكار التلمود البابلى، التي ترى عدم جواز العودة إلى فلسطين لليهود بأعداد كبيرة قبل قدوم الماشيح، وكان يرى أن إسرائيل «تشبه دولة المماليك التي قامت في مصر واستمرت 267 عاما». ويقول المسيرى «إن الطبيعة الوظيفية لإسرائيل تعنى أن الاستعمار اصطنعها لتقوم بوظيفة معينة فهى مشروع استعمارى لا علاقة له باليهودية».
View all my reviews
تعليقات
إرسال تعليق